من يملك برشلونة وريال مدريد؟ الوجه الآخر للمُلكية في عالم كرة القدم
🗓️ نُشِر بتاريخ: 20/4/2025 🕓 الوقت التقديري للقراءة: 8 دقائق
بين الولاء والسلطة.. من يملك من؟
في عالم كرة القدم، تتفاوت الأندية من حيث تاريخها، بطولاتها، وحتى جماهيرها، لكن ما يميز برشلونة وريال مدريد لا يقتصر فقط على تلك الإنجازات، بل يتعدى ذلك ليصل إلى جوهر أعمق: من يملك النادي حقًا؟
هذه المقالة تغوص بك في تفاصيل فريدة ومثيرة حول النموذج الإداري الفريد لكلا النادييْن، حيث لا تملكهما دولة أو شركة أو رجل أعمال، بل المشجعون أنفسهم!
مُلكية جماهيرية نادرة: لماذا لا يُباع برشلونة وريال مدريد؟
في عام 1990، صدر قانون رياضي جديد في إسبانيا يلزم الأندية بالتحوّل إلى شركات مساهمة بدءًا من موسم 1992-1993، وذلك بهدف فرض إنضباط مالي، ومنع الأزمات الإقتصادية التي كانت تهدد إستقرار كرة القدم.
لكن إستثناءً خاصًا سمح لكل من برشلونة وريال مدريد بالإحتفاظ بنموذج المُلكية الجماهيرية، نظرًا لوضعهما المالي الجيد في ذلك الوقت، ليستمر كلا النادييْن حتى اليوم ككيانات رياضية مملوكة لمشجعيها عبر نظام "Socios".
هذا النموذج لا يُتيح بيع النادي أو تحويله إلى شركة خاصة، بل يجعل من المشجعين المساهمين الحقيقيين في إتخاذ القرارات، في مشهد نادر في كرة القدم الحديثة.
من هم الـ "Socios"؟ جمهور يقرر مصير النادي!
▪️برشلونة: ديمقراطية كروية بامتياز
يمتلك نادي برشلونة أكثر من 144,000 عضو يُعرفون بإسم "Socios"، يدفعون إشتراكًا سنويًا يمنحهم حق التصويت في القرارات المصيرية، وأبرزها إنتخاب رئيس النادي، مما يجعل من برشلونة نموذجًا فريدًا في الديمقراطية الرياضية.
لا يحق لأي شخص الترشح لرئاسة النادي إلا إذا كان عضوًا رسميًا (Socio)، ويجب عليه تقديم ضمانات مالية صارمة تتعلق بميزانية النادي قبل توليه المنصب، وفقًا للّوائح الإدارية المعتمدة.وفي الحالات الإستثنائية، يمكن عقد إجتماع خاص للجنة تُعرف بإسم لجنة الأعضاء (تتكون من حوالي 4500 عضو)، لمناقشة قرارات محورية.
ومن أبرز هذه الإجتماعات، ما حدث في أكتوبر 2021 عندما عرض "خوان لابورتا" خطة إنقاذ مالية شاملة أمام مجموعة ضمت كبار السن من الأعضاء المعروفين بـ "السناتور"، إضافة إلى رؤساء سابقين، أعضاء مجلس الإدارة، ممثلي روابط المشجعين، ومجموعة صغيرة من الأعضاء العاديين الذين يتم إختيارهم عشوائيًا.
▪️ريال مدريد: قوة الجمهور في ظل نظام مالي صارم
يمتلك ريال مدريد أكثر من 90,000 عضو يُعرفون بـ "Socios"، ولهم الحق في إنتخاب رئيس النادي، إلا أن سلطتهم تظل محدودة نسبيًا مقارنةً ببرشلونة، بسبب القيود الإدارية والمالية التي تحكم هيكل النادي.
رئيس ريال مدريد لا يُنتخب بسهولة؛ إذ يُلزمه القانون الإسباني بتقديم ضمان مالي شخصي يعادل 15% من حجم أعمال النادي السنوي، ويُودع هذا الضمان في صورة كفالة مصرفية كل موسم. وفي حال تعرض النادي لأزمة مالية حرجة، يمكن إعتبار هذا الضمان بمثابة دين واجب السداد، ويتوجب على الرئيس ومجلس الإدارة تغطيته. كما يحق لـ 5% من الأعضاء أو رابطة المشجعين مطالبة الإدارة بدفع هذا المبلغ إذا استدعت الظروف، بهدف إنقاذ النادي من الإنهيار.
وعلى عكس الأندية المملوكة مُلكية خاصة، لا يستطيع ريال مدريد جمع الأموال من خلال الطرح العام أو بيع الأسهم، ما يعني أنه لا يمكنه التعويم في سوق المال أو جذب مستثمرين لتمويل صفقاته. بل عليه الإعتماد على إيراداته الذاتية وأرباحه التشغيلية لتغطية التكاليف أو تنفيذ المشاريع الكبرى، مثل تجديد ملعب "سانتياغو برنابيو". وفي مثل هذه الحالات، يحصل النادي عادةً على قروض طويلة الأجل بأسعار فائدة منخفضة من البنوك المحلية.
رؤساء النادي: إداريون يقودون من خلف الكواليس بعيدًا عن الفن الكروي
على عكس الإعتقاد السائد، فإن رؤساء برشلونة وريال مدريد ليسوا بالضرورة خبراء كرويين. فعلى الرغم من أن شخصيات مثل خوان لابورتا وفلورنتينو بيريز يتمتعون بشعبية كبيرة في عالم كرة القدم، إلا أن مهامهم لا تتعلق بالتقييم الفني للفرق أو إختيار اللاعبين.
بل على العكس، يعمل لابورتا وبيريز كرؤساء تنفيذيين، حيث يتولون المسؤولية عن الإدارة المالية، العقود التجارية، المشاريع الكبرى، والبنية التحتية للنادي.
أما القرارات الفنية المتعلقة بالتشكيلة أو أسلوب اللعب، فتُترك لإدارات رياضية مختصة داخل النادي.
هل هناك فرق بين نادي مملوك للجمهور وآخر مملوك لشركة أو دولة؟
نعم، والفرق جوهري:
▪️الأندية المملوكة للجماهير (مثل برشلونة وريال مدريد): غير هادفة للربح، تُعاد إستثمار الأرباح في تطوير الفريق والبنية التحتية، كتجديد الملاعب أو تمويل الصفقات.
▪️الأندية الخاصة أو التي تملكها دول (مثل باريس سان جيرمان أو مانشستر سيتي): الهدف الأساسي هو الربح أو تحقيق مصالح سياسية، ويستطيع المُلاك سحب أرباح، أو بيع أسهم، أو تغيير إدارة النادي حسب مصالحهم.
مثال ألماني: قاعدة 50+1 والفارق بين البيع والتطوير
في ألمانيا، كما هو الحال في برشلونة وريال مدريد، تعتمد الأندية على نظام مُلكية جماهيرية، حيث تبقى السلطة بيد المشجعين من خلال قاعدة 50+1. هذه القاعدة تمنع الشركات من إمتلاك أكثر من 49% من أسهم الأندية، مما يضمن أن المشجعين هم من يتحكمون في قرارات النادي.
وعلى عكس ما يعتقده البعض، فإن نادي بوروسيا دورتموند لا يبيع لاعبيه بهدف تحقيق الأرباح. بل يسعى جاهدًا للإحتفاظ بنجومه، لكن هؤلاء النجوم يرحلون أحيانًا لأنهم يبحثون عن عقود ورواتب أعلى. وهذا يبرز أن الأندية الألمانية، مثلها مثل برشلونة وريال مدريد، تسعى للحفاظ على إستقرارها المالي والرياضي، لكن اللاعبين أنفسهم يختارون الإنتقال بحثًا عن فرص مالية أفضل.
تحديات الإدارة الجماهيرية: ديمقراطية لا تخلو من التعقيد
رغم النموذج المثالي، إلا أن إدارة نادييْن بهذه الضخامة من خلال آلاف المُلاك، لا تخلو من التحديات:
▪️بطء إتخاذ القرار في المواقف الحرجة.
▪️الحمل المالي الضخم الملقى على الرئيس ومجلس الإدارة.
▪️صعوبة الحصول على تمويل إستثماري مقارنة بالأندية التجارية.
عندما يكون الشغف هو المالك الحقيقي
في زمن تحولت فيه كرة القدم إلى صناعة مربحة تسيطر عليها رؤوس الأموال، يقف برشلونة وريال مدريد كحالتيْن فريدتيْن تُظهران كيف يمكن للجماهير أن تظل في قلب القرار.
نعم، هناك عيوب وتحديات، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن الولاء والإنتماء الحقيقي يظهر جليًا عندما يكون الجمهور هو صاحب النادي، حرفيًا!
هل أعجبتك هذه الرحلة في كواليس مُلكية برشلونة وريال مدريد؟ لا تنسَ: